אعثر علماء الفلك على أكبر سحابة على الإطلاق من الجسيمات النشطة حول مجموعة من المجرات، وهو ما أعاد كتابة ما كنا نعتقد أننا نعرفه عن كيفية بقاء الجسيمات مشحونة.

سحابة جسيمات ضخمة تتحدى التوقعات
اكتشف علماء الفلك شيئًا استثنائيًا: أكبر سحابة معروفة من الجسيمات النشطة حول عنقود مجرات. تمتد هذه السحابة الضخمة لما يقرب من 20 مليون سنة ضوئية، أي ما يعادل حوالي 200 ضعف حجم مجرتنا.
هذا الاكتشاف أكثر إثارة لأنه يتحدى ما اعتقده العلماء. حتى الآن، اعتقد الخبراء أن هذه السحب تستقبل الطاقة من المجرات القريبة. لكن يبدو أن هذه السحابة تستمد طاقتها من شيء آخر تمامًا: موجات صدمية عملاقة وتدفقات مضطربة من الغاز الساخن تنتقل بين المجرات.
ويفتح هذا الاكتشاف أسئلة جديدة حول كيفية انتقال الطاقة عبر أكبر الهياكل في الكون.
يشير انبعاث الموجات الراديوية إلى قوى خفية
أثارت مجموعة المجرات، التي تقع على بُعد حوالي 5 مليارات سنة ضوئية من الأرض، والمُسماة PLCK G287.0+32.9، فضول العلماء منذ اكتشافها عام 2011. وقد كشفت عمليات الرصد السابقة عن علامتين ساطعتين على حوافها، يُعتقد أنهما موجات صدمية تُنير الحافة الخارجية. لكن ما فاته الباحثون كان أكثر إثارة للدهشة: انبعاث راديوي خافت ولكنه هائل يمتد بين هاتين الحوافين وما وراءهما.
الآن، باستخدام صور راديوية أكثر وضوحًا، وجد علماء الفلك أن هذا الانبعاث موجود في جميع أنحاء العنقود. يُعدّ هذا الانبعاث دليلًا على وجود مجالات مغناطيسية وجسيمات عالية الطاقة منتشرة في جميع أنحاء المنطقة، مما يُشير إلى عمليات قوية تُشكّل الفضاء بين المجرات.
قال الدكتور كاماليش راجابوروهيت، الباحث الرئيسي: "توقعنا وجود زوج ساطع من البقايا على حواف العنقود، وهو ما كان ليتوافق مع الملاحظات السابقة، لكننا وجدنا انبعاثات راديوية في جميع أنحاء العنقود". وأضاف: "لم تُرصد سحابة من الجسيمات النشطة بهذا الحجم في هذا العنقود المجري أو أي عنقود آخر". يمتد الرقم القياسي السابق، أبيل 2255، على مسافة حوالي 16.3 مليون سنة ضوئية.
العثور على هالة راديوية قياسية
في أعماق المنطقة المركزية للعنقود، اكتشف الفريق هالة راديوية يبلغ قطرها حوالي 11.4 مليون سنة ضوئية، وهي الأولى من نوعها التي تُرصد عند تردد 2.4 جيجاهرتز، وهو تردد لا تُرصد فيه عادةً هالات بهذا الحجم. أثارت هذه النتائج تساؤلات لدى الفريق، إذ تُقدم دليلاً قوياً على وجود إلكترونات أشعة كونية وحقول مغناطيسية تمتد إلى محيط العناقيد. لكن لا يزال من غير الواضح كيف تسارعت الإلكترونات عبر هذه المسافات الشاسعة.
قال راجابوروهيت: "عادةً ما تُرى هالات الراديو الكبيرة جدًا فقط عند الترددات المنخفضة لأن الإلكترونات التي تُنشئها فقدت طاقتها - فقد تقدمت في العمر وبردت بمرور الوقت". "مع اكتشاف هذه الهالة الضخمة، نرى الآن انبعاثات راديوية تمتد باستمرار بين موجات الصدمة العملاقة وخارجها، وتملأ المجموعة بأكملها. يشير هذا إلى أن هناك شيئًا ما يُسرّع أو يُعيد تسريع الإلكترونات بنشاط، ولكن لا ينطبق أي من المشتبه بهم المعتادين. نعتقد أن موجات الصدمة العملاقة أو الاضطرابات قد تكون مسؤولة، لكننا بحاجة إلى المزيد من النماذج النظرية لإيجاد إجابة قاطعة". يمنح هذا الاكتشاف الباحثين طريقة جديدة لدراسة المجالات المغناطيسية الكونية - أحد أهم الأسئلة التي لم تُحل في الفيزياء الفلكية - والتي يمكن أن تساعد العلماء على فهم كيفية تشكيل المجالات المغناطيسية للكون على أكبر المقاييس.
قال راجابوروهيت: "بدأنا نرى الكون بطرق لم نكن لنراها من قبل. وهذا يعني إعادة النظر في كيفية انتقال الطاقة والمادة عبر أكبر الهياكل."
المزيد عن الموضوع على موقع العلوم: