برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني والعلاقة ببرنامج الفضاء – مراجعة بعد وابل الصواريخ التي تم إطلاقها على إسرائيل

تدعي إيران أن صناعة الصواريخ لديها ذات طبيعة دفاعية ومصممة لردع المهاجمين المحتملين، وليس لاستخدامها كسلاح هجوم. ويعد برنامج الفضاء الإيراني أيضًا أداة لبرنامج الصواريخ الباليستية

البرنامج الصاروخي الإيراني. الرسم التوضيحي: موقع Depositphotos.com
البرنامج الصاروخي الإيراني. الرسم التوضيحي: موقع Depositphotos.com

أطلقت إيران مساء اليوم (الثلاثاء 1/10/2024) نحو 180 صاروخاً باليستياً باتجاه إسرائيل، وذلك رداً على القتال في لبنان والتصعيد العسكري في المنطقة. وفي أعقاب الهجوم، تم إطلاق أجهزة الإنذار في مناطق مختلفة في جميع أنحاء إسرائيل، بما في ذلك المركز وتل أبيب. وأفيد أن شخصين أصيبا بجروح طفيفة في منطقة تل أبيب نتيجة عمليات الإطلاق. وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانييل هاغاري إن معظم الصواريخ اعترضتها أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية، ورغم ذلك تم رصد سقوطها في عدة ساحات وسط البلاد وفي مناطق أخرى، خاصة في المناطق المفتوحة.

وهدد الحرس الثوري الإيراني بأنه إذا ردت إسرائيل على الهجوم، فإن إيران ستطلق موجة أخرى من إطلاق الصواريخ. وردا على التهديد الإيراني، أعلن الجيش الإسرائيلي أن سلاح الجو سيواصل مهاجمة أهداف في الشرق الأوسط.

خلفية عامة عن صناعة الصواريخ الإيرانية

بدأت صناعة الصواريخ الإيرانية في التطور في السبعينيات، لكنها خضعت منذ ذلك الحين لتحديثات كبيرة في أعقاب التطورات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، وخاصة بعد الحرب الإيرانية العراقية (70-1980). وخلال الحرب، اضطرت إيران إلى التعامل مع الهجمات الصاروخية العراقية على مدنها، مما دفعها إلى بناء برنامج صاروخي مستقل. والآن تعتبر إيران إحدى القوى الكبرى في المنطقة في مجال الصواريخ الباليستية، وهي مستمرة في توسيع وتطوير قدراتها.

سلسلة الصواريخ الكبرى

تشمل صناعة الصواريخ الإيرانية عدة نماذج مهمة:

  • شهاب-1: صاروخ باليستي ذو دفع سائل يصل مداه إلى 300 كيلومتر وقدرته على حمل 1,000 كجم.
  • شهاب-2: صاروخ ذو دفع سائل يصل مداه إلى 500 كيلومتر.
  • شهاب-3: صاروخ باليستي متوسط ​​المدى يصل مداه إلى 1,000 كيلومتر.
  • فتح-110: صاروخ باليستي صلب الدفع يصل مداه إلى 300 كيلومتر.
  • سجيل: صاروخ ذو مرحلتين يصل مداه إلى حوالي 2,000 كيلومتر.
  • عماد: صاروخ باليستي يصل مداه إلى 1,600 كيلومتر وبدقة محسنة.

وعلى الرغم من الانتقادات، تدعي إيران أن صناعة الصواريخ لديها هي في الأساس دفاعية ومصممة لردع المهاجمين المحتملين، وليس لاستخدامها كسلاح هجومي. وفي ظل الظروف الحالية، من الصعب أن نتصور وضعاً توافق فيه إيران على تقليص برنامجها الصاروخي، لأن ذلك يعتبر عنصراً أساسياً في استراتيجية أمنها القومي.

الإستراتيجية والتطوير

ويرى النظام الإيراني في البرنامج الصاروخي أداة مهمة ليس فقط للدفاع عن النفس ولكن أيضًا كرادع ضد منافسيه الإقليميين والدوليين. أحد الأسباب الرئيسية للإصرار الإيراني على مواصلة تطوير الصواريخ هو رغبتها في أن تكون "متساوية استراتيجيا" مع دول مثل المملكة العربية السعودية وإسرائيل، التي تمتلك قدرات جوية متقدمة. وبما أن القوة الجوية الإيرانية محدودة بسبب العقوبات المفروضة عليها، فإن الصواريخ تعتبر بديلا فعالا للحفاظ على التوازن العسكري.

عدد الصواريخ والقدرة الباليستية

وتشير التقديرات إلى أن إيران تمتلك ترسانة تبلغ نحو 3,000 صاروخ باليستي، معظمها قصير ومتوسط ​​المدى. لكن هناك أيضاً صواريخ قادرة على الوصول إلى مدى أطول، مثل سلسلة "خورمشهر" التي يصل مداها إلى 3,000 كيلومتر. 1. وتسمح هذه القدرة لإيران بتهديد دول أبعد مثل إسرائيل والمملكة العربية السعودية وأهداف أخرى في المنطقة. كل ذلك في ظل التعريف بأن هذه الصواريخ مخصصة لحمل رؤوس حربية تقليدية فقط، لكن الخوف هو من إمكانية تحويلها لحمل رؤوس نووية في المستقبل.

مرافق الإنتاج والتوسع

ومؤخراً، تم الكشف عن صور عبر الأقمار الصناعية تظهر أن إيران تقوم بتوسيع منشآتها الإنتاجية في قاعدتي مدرس وخوجير الواقعتين بالقرب من طهران. وتشمل هذه التوسعات تشييد عشرات المباني الجديدة، التي تهدف إلى تحسين قدرات إنتاج وتخزين الصواريخ الباليستية. وتعد هذه إحدى المنشآت الرئيسية في إيران لإنتاج الصواريخ الباليستية، بما في ذلك الصواريخ التي تعمل بالوقود الصلب، والتي تعتبر أكثر كفاءة من الناحية اللوجستية وأسرع في التشغيل.

التعاون الخارجي

أحد العوامل الرئيسية في تطوير صناعة الصواريخ الإيرانية هو التعاون مع دول مثل كوريا الشمالية وروسيا والصين. ولا يشمل هذا التعاون توريد الصواريخ فحسب، بل يشمل أيضًا نقل المعرفة التكنولوجية والتدريب وتقنيات الإنتاج. على سبيل المثال، في التسعينيات، زودت كوريا الشمالية إيران بصواريخ من سلسلة "نودونغ"، التي أصبحت الأساس لبرنامج "شهاب". ومع مرور الوقت، تمكنت إيران من إنشاء صناعة صواريخ مستقلة بشكل شبه كامل، تتضمن القدرة على إنتاج معظم مكونات الصواريخ محلياً.

ردود الفعل الإقليمية والدولية

إن تطور صناعة الصواريخ الإيرانية لم يمر بهدوء على الساحة الدولية. وترى العديد من الدول، بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وإسرائيل، أن تطوير الصواريخ الإيرانية يمثل تهديدًا مباشرًا للاستقرار الإقليمي. ونتيجة لذلك، تم فرض عقوبات اقتصادية مختلفة على إيران بهدف إبطاء تطوير الصواريخ كان لها تأثير كبير على التقدم، وتواصل إيران الاستثمار في صناعة الصواريخ، ومع ذلك، هناك مخاوف من أنه بمجرد نجاح إيران في تطوير صواريخ أطول مدى وأكثر دقة يمكنك أيضًا تهديد البلدان البعيدة بشكل مباشر.

النظرة إلى المستقبل

وبحسب الخبراء، فمن غير المرجح أن يتوقف النظام الإيراني عن تطوير صناعته الصاروخية في المستقبل القريب. وتشكل الصواريخ عنصرا مهما في استراتيجية الدفاع الإيرانية، ويُنظر إليها أيضا على أنها رمز للقوة التكنولوجية الوطنية. ومع استمرار التقدم التكنولوجي في هذا المجال، يمكننا أن نتوقع استمرار رفع قدرات إيران الباليستية، الأمر الذي سيثير قلقا كبيرا بين دول المنطقة والعالم بأسره.

ويعتبر برنامج الفضاء الإيراني، الذي أنشئ أصلا لتعزيز قدرات إيران في مجال الأقمار الصناعية والصواريخ، جزءا مهما من الجهد الوطني لتحسين القدرات التكنولوجية والأمنية للبلاد. وكان هدفها الأساسي إطلاق الأقمار الصناعية في مدار منخفض حول الأرض وتحقيق الاستقلال التكنولوجي في هذا المجال.

تطوير برنامج الفضاء الإيراني

بدأ برنامج الفضاء الإيراني بإطلاق صاروخ Safir SLV، وهو صاروخ يعتمد على التكنولوجيا الروسية والكورية الشمالية. وبعد ذلك، طورت إيران صاروخ سيمورج، الذي يعد تقدما تكنولوجيا ويتيح إطلاق حمولات أثقل إلى مدار منخفض. ويمثل تطوير صاروخ "سيمرغ"، المصمم أصلا لإطلاق أقمار صناعية ثقيلة يصل وزنها إلى 250 كيلوغراما إلى مدار على ارتفاع 500 كيلومتر، تقدما كبيرا في تكنولوجيا الصواريخ الإيرانية.

وفي أغسطس 2017، حاولت إيران إطلاق أول قمر صناعي لها باستخدام سيمورغ، لكن الإطلاق فشل بعد وقت قصير من الإقلاع. ورغم ذلك، أعلن الإيرانيون أن الاختبار كان ناجحا، ومن المتوقع أن يستمروا في المزيد من المحاولات لإطلاق أقمار صناعية ثقيلة.

الإمكانات العسكرية

وينبع القلق الرئيسي بشأن البرنامج الإيراني من احتمال أن يكون برنامج الفضاء بمثابة أساس لتطوير الصواريخ الباليستية العابرة للقارات. ويستخدم صاروخ سيمورج تقنيات شائعة في الصواريخ الباليستية، ويقدر الخبراء أن هذا النوع من الصواريخ يمكن أن يحمل رأسًا حربيًا ثقيلًا إلى مدى يصل إلى 7,500 كيلومتر، وهو ما يغطي أوروبا وآسيا بأكملها. وهذه الحقيقة، إلى جانب التعاون بين إيران وكوريا الشمالية، تثير المخاوف من أن برنامج الفضاء الإيراني ليس مخصصاً للأغراض المدنية فقط.

وقف مشروع الفضاء المأهول

وفي ظل إدارة أحمدي نجاد، تم النظر في إطلاق مركبة فضائية مأهولة إلى المدار، ولكن التكاليف المرتفعة والمشاكل التنظيمية كانت سبباً في تأجيل الخطة. وبدلاً من ذلك، قررت إيران التركيز على مشاريع إطلاق الأقمار الصناعية.

وفي الختام، فإن برنامج الفضاء الإيراني مستمر بكامل قوته رغم الأعطال الفنية والتجميد المؤقت. لا يزال التقدم التكنولوجي، وخاصة في تطوير برنامج السيمورج، يثير قلق العديد من دول العالم، بسبب احتمال استخدام المعلومات والتقنيات الناتجة عن البرنامج لتطوير أنظمة أسلحة متقدمة.

الاتصال ببرنامج الفضاء

العلاقة بين برنامج الفضاء الإيراني وبرنامج الصواريخ الباليستية في البلاد وثيقة، حيث يتقاسم البرنامجان العديد من التقنيات والمرافق. يوفر برنامج الفضاء الإيراني لإيران منصة لتجربة التقنيات التي تساعد في تحسين صواريخها الباليستية. ويثير الإطلاق الأخير لقمر صناعي بواسطة صاروخ محلي الصنع مخاوف من أن إيران تستخدم هذا البرنامج أيضًا كغطاء لتطوير تقنيات الصواريخ الباليستية العابرة للقارات.

تشترك مركبات إطلاق الأقمار الصناعية (SLVs) والصواريخ الباليستية في العديد من الميزات التقنية. على سبيل المثال، يعد استخدام المحركات التي تعمل بالوقود السائل في الصواريخ مثل سيمورج وسفير عنصرًا أساسيًا في برنامج الفضاء، ولكنه مهم أيضًا في تطوير الصواريخ الباليستية بعيدة المدى. ووفقا للخبراء، فإن التقنيات المطلوبة لإطلاق الأقمار الصناعية إلى المدار الثابت بالنسبة للأرض هي نفس التقنيات المطلوبة لتطوير الرؤوس الحربية للصواريخ العابرة للقارات.

ترك الرد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها *

يستخدم هذا الموقع Akismat لمنع الرسائل غير المرغوب فيها. انقر هنا لمعرفة كيفية معالجة بيانات الرد الخاصة بك.