يكشف البحث الرائد أن قرود القشة تميز بعضها البعض بالاسم باستخدام نداءات فريدة، وهي قدرة كان يُعتقد حتى الآن أنها حكر حصري على عدد محدود من الأنواع. توفر النتائج رؤى جديدة حول تطور اللغة البشرية، وتشير إلى وجود صلة بالتحديات الاجتماعية المشابهة لتلك التي واجهها أسلافنا القدماء.
يعتبر تمييز الآخرين بالأسماء الصوتية، وتعلم الأسماء من الآخرين من القدرات المعرفية العالية لدى الحيوانات الاجتماعية. حتى الآن، لم تُنسب هذه القدرات إلا إلى عدد محدود من الأنواع: البشر والدلافين والفيلة، ومن المثير للدهشة أنه لم يتم ملاحظة قدرات مماثلة بين أقاربنا التطوريين، الرئيسيات.
كشفت دراسة جديدة رائدة أجراها فريق من الباحثين من الجامعة العبرية، بقيادة الدكتور ديفيد عمر من مركز إدموند وليلي سفرا لعلم الأعصاب (ELSC)، لأول مرة أن قرد القشة، وهو نوع صغير من القرود يعيش في تستخدم الغابات المطيرة في أمريكا الجنوبية نداءات فريدة للإشارة إلى تسمية بعضها البعض. ويوسع هذا الاكتشاف قائمة الحيوانات التي تتمتع بهذه القدرة، ويوفر رؤى جديدة حول التطور التطوري للغة البشرية.
وكجزء من الدراسة، التي نشرت في مجلة ساينس المرموقة، سجل الباحثون المحادثات الطبيعية بين أزواج من القرود بالإضافة إلى التفاعلات بين القرود ونظام الكمبيوتر. تضمن البحث، الذي قاده طالب الدكتوراه جاي أورين، تحليلًا متعمقًا لـ "نداءات pi" - وهي نداءات فريدة تصدرها قرد القشة. واستخدم الباحثون أساليب متقدمة من مجال التعلم الآلي للتحليل الصوتي للمكالمات، وتابعوا ردود أفعال القردة تجاه النداءات المختلفة. بالإضافة إلى ذلك، تم استخدام نظام حاسوبي لإجراء محادثات مع القرود، مما سمح لهم بفحص ردود أفعال القردة في ظل ظروف خاضعة للرقابة.
تكشف نتائج البحث عن نظام اتصالات أكثر تعقيدًا بكثير مما كان معروفًا حتى الآن. يستخدم أفراد العائلة في مجموعة القشة القشية تسميات صوتية مماثلة لتمييز تفاصيل مختلفة وخصائص صوتية مماثلة لتشفير الأسماء، على غرار استخدام الأسماء والتعابير عند البشر. ومن المثير للاهتمام بشكل خاص أن هذا التعلم الصوتي يحدث أيضًا بين حيوانات القرود البالغة غير ذات الصلة. يوضح طالب الدكتوراه أورين: "تكشف هذه الدراسة لأول مرة عن قدرة قرود القشة المبهرة على استخدام الأسماء. لا تُستخدم هذه النداءات فقط لتوصيل موقع في الفضاء، كما كان يُعتقد سابقًا، ولكنها تُستخدم لتحديد تفاصيل محددة".
ويلخص الدكتور عمر أهمية البحث قائلاً: "على مدى عقود، كان التواصل الصوتي لدى الرئيسيات يعتبر أمراً مفروضاً وراثياً ويفتقر إلى المرونة التي تميز اللغة البشرية. لذلك، لم يُنظر إليها أيضًا على أنها ذات صلة تطوريًا بتطور اللغة عند البشر. تفتح هذه النتائج الباب لفهم التطور التطوري للغة البشرية. تعيش القرود في مجموعات عائلية صغيرة أحادية الزواج وتعتني بنسلها معًا، تمامًا مثل البشر. ويشير هذا التشابه إلى أنهم واجهوا تحديات اجتماعية تطورية مماثلة لتلك التي واجهها أسلافنا الأوائل، الأمر الذي ربما دفعهم إلى تطوير أساليب اتصال مماثلة. بالإضافة إلى فهمنا لقدرات التواصل لدى الحيوانات، تقدم الدراسة أيضًا اتجاهات بحثية جديدة في مجال تطوير اللغة والإدراك الاجتماعي.
المزيد عن الموضوع على موقع العلوم: