يوفر هذا الاكتشاف رؤى حيوية للمجتمعات المحلية وشبكاتها وتنظيمها خلال القرن الثاني عشر الميلادي - وهي فترة تميزت بعدم الاستقرار في مرحلة ما بعد الإمبراطورية والمنافسة السياسية الشديدة.
اكتشف فريق من علماء الآثار بقيادة الأساتذة جدعون شيلا ليفي من الجامعة العبرية في القدس، وأمارتوفشين تشونجا من الجامعة الوطنية في منغوليا، وويليام هوني تشيرش من جامعة ييل، مقبرة النخبة من فترة ما قبل المنغول في مقاطعة دورنود منغوليا. يلقي هذا الاكتشاف، الذي يعد جزءًا من مشروع علم الآثار المنغولي الإسرائيلي الأمريكي، ضوءًا جديدًا على فترة غير مفهومة جيدًا في الهضبة المنغولية، والتي تمتد من انهيار إمبراطورية خيتان حوالي عام 1125 م حتى ظهور الإمبراطورية المغولية. في عهد جنكيز خان عام 1206 م.
تقع المقبرة، المعروفة الآن باسم مقبرة خار نور، داخل جدار مجمع حصون من فترة كيتان. تحتوي المقبرة، التي يُعتقد أنها بُنيت بعد إيقاف تشغيل الحصن، على بقايا امرأة مسنة، مما يشير إلى أنها تنتمي إلى سلالة متميزة ذات مكانة سياسية كبيرة. يوفر هذا الاكتشاف رؤى حيوية للمجتمعات المحلية وشبكاتها وتنظيمها خلال القرن الثاني عشر الميلادي، وهي فترة تميزت بعدم الاستقرار في مرحلة ما بعد الإمبراطورية والمنافسة السياسية الشديدة.
السياق الأثري ومعناه
يجري مشروع الآثار المنغولي-الإسرائيلي-الأمريكي مسوحات وحفريات على طول "الجدران الطويلة" على حدود خيطان في شمال شرق منغوليا منذ عام 2018. ويعد اكتشاف دفن خار نور أحد أهم النتائج التي توصل إليها المشروع، حيث يقدم أدلة قيمة على التغيرات الثقافية والسياسية التي حدثت في الفترة التي سبقت صعود الإمبراطورية المغولية.
تم طرح عدة فرضيات لتفسير اختيار مكان الدفن:
- من الممكن أن يكون بدو خير نور قد رأوا حصن كيتان المهجور كجزء من تاريخهم وتاريخ أراضيهم الأصلية، ويستخدمونه لتأكيد الهوية المحلية والذاكرة الاجتماعية.
- ربما كان للقلعة مكانة رمزية، مما يجعلها مكانًا مناسبًا لدفن أحد كبار أعضاء المجتمع.
- ربما كان الدفن عرضًا متعمدًا للسلطة والأراضي التي تسيطر على المنافسة السياسية في ذلك الوقت.
وتقدم هذه النظريات التي لا تتعارض مع بعضها البعض، تفسيرا متكاملا للعمليات الاجتماعية والسياسية التي جرت في منطقة عربة الشرقية في فترة ما بعد كيتان. ومع تضاؤل السلطة الإمبراطورية وصراع الجماعات العربية من أجل السيطرة، أصبحت مقبرة خير نور رمزًا قويًا للهوية والذاكرة والقوة في فترة انتقالية.
الآثار التاريخية
يضيف هذا الاكتشاف قطعة مهمة إلى لغز التاريخ المنغولي، مما يوفر فهمًا أعمق للأحداث والمجتمعات التي شكلت المنطقة قبل ظهور الإمبراطورية المغولية. وهو يقدم رؤى مهمة حول كيفية محافظة المجتمعات المحلية على شبكاتها وتنظيمها خلال فترة من التغيير الكبير والمنافسة السياسية.
وأضاف البروفيسور شيلا ليفي: "يمثل دفن خير نور نافذة فريدة على المشهد الاجتماعي والسياسي المعقد لمنغوليا في القرن الثاني عشر". "إنه يوضح كيف استخدمت النخب المحلية روابط رمزية مع الإمبراطوريات السابقة لإضفاء الشرعية على سلطتها ومكانتها أثناء التنقل في بيئة سياسية سريعة التغير."
هذا الاكتشاف الرائع لا يثري فهمنا لمنغوليا قبل الإمبراطورية المغولية فحسب، بل يسلط الضوء أيضًا على أهمية البحث الأثري المستمر في الكشف عن التاريخ المعقد للمنطقة. ومع استمرار تحليل الدفن ومحتوياته، يتوقع الباحثون اكتساب المزيد من الأفكار حول هذه الفترة الحاسمة في تاريخ منغوليا والعالم.
المزيد عن الموضوع على موقع العلوم: