حقق فريق دولي من العلماء اكتشافًا مفاجئًا في مجال الفيزياء الجزيئية، حيث كشف عن ديناميكيات كسر التناظر غير المتوقعة في ثنائيات ثاني أكسيد الكربون بعد التأين. توفر الدراسة، التي نشرت في مجلة Nature Communications، رؤى جديدة حول التغيرات الهيكلية التي تحدث عندما تتعرض هذه المجاميع الجزيئية للأشعة فوق البنفسجية الشديدة (EUV).
حقق فريق دولي من العلماء، بقيادة البروفيسور دانييل ستراسر وروي باير من الجامعة العبرية في القدس، اكتشافًا مهمًا في مجال الفيزياء الجزيئية، حيث كشف عن ديناميكيات كسر التناظر غير المتوقعة في ثنائيات ثاني أكسيد الكربون بعد التأين. إن ثنائيات جزيئات ثاني أكسيد الكربون بعد التأين هي الحالة التي يتحد فيها زوج من جزيئات ثاني أكسيد الكربون (CO₂) لتكوين بنية جزيئية مزدوجة تسمى ثنائيات، وتخضع لعملية التأين.
تكشف الدراسة، التي نشرت في مجلة Nature Communications، عن رؤى جديدة حول التغيرات الهيكلية التي تحدث عندما تتعرض هذه المجاميع الجزيئية للأشعة فوق البنفسجية الشديدة (EUV). أظهر الجهد المشترك أن ثنائيات ثاني أكسيد الكربون المتأينة تخضع لعملية إعادة ترتيب هيكلية غير متماثلة، مما يؤدي إلى تكوين وحدات ثاني أكسيد الكربون. ولهذا الاكتشاف آثار مهمة على كيمياء الغلاف الجوي والكيمياء الفلكية، مما يوفر فهمًا أعمق للسلوك الجزيئي في ظل الظروف القاسية.
النتائج الرئيسية: ديناميات كسر التماثل والتنظيم الهيكلي
في بيئات مثل الفضاء الخارجي البارد والبيئات الجوية، تميل جزيئات ثاني أكسيد الكربون إلى تكوين أزواج متماثلة. وفقًا لميكانيكا الكم، فإن الدالة الموجية لهذه الأزواج يجب أن تحافظ على التناظر حتى بعد التأين. ومع ذلك، لاحظ باحثون من الجامعة العبرية في القدس (إسرائيل)، ومن معهد ماكس بلانك للفيزياء النووية (ألمانيا)، ومن منشأة ليزر الإلكترون الحر FLASH في DESY (ألمانيا) ظاهرة تسمى كسر التناظر.
تم استخدام نموذجين محددين لكيمياء الكم للتنبؤ بسلوك الثنائيات المتأينة. اقترح النموذج الأول أن الجزيئات ستتحرك في انسجام تام، مع الحفاظ على شكلها المتماثل. في المقابل، توقع النموذج الثاني أن التأين سيؤدي إلى كسر التناظر، مما يتسبب في دوران أحد الجزيئات ببطء حول محور والإشارة نحو شريكها في حوالي 150 فمتوثانية. وباستخدام نبضات الأشعة فوق البنفسجية السريعة التي ينتجها ليزر الإلكترون الحر FLASH، أكد الباحثون النموذج الثاني، موضحين أن الثنائيات المتأينة تخضع لتنظيم هيكلي غير متماثل.
يؤدي كسر التناظر هذا إلى تكوين وحدات ثاني أكسيد الكربون، والتي قد تلعب دورًا حاسمًا في التطور الكيميائي للأنواع الأكثر تعقيدًا في بيئات الفضاء الخارجي الباردة.
ميكانيكا الكم وظاهرة كسر التناظر
السؤال المركزي الذي يطرحه البحث هو كيف يحدث كسر التناظر على الرغم من أن ميكانيكا الكم تحظر ذلك. ويوضح الباحثون أنه، على غرار قطة شرودنغر الشهيرة، يوجد زوج من جزيئات ثاني أكسيد الكربون في حالة تراكب من حالتين من كسر التناظر. يحافظ النظام على التناظر حتى تنهار وظيفة الموجة الكمومية أثناء القياس، مما يؤدي إلى دوران أحد جزيئات ثاني أكسيد الكربون بالنسبة إلى الآخر.
آثار واسعة والبحوث المستقبلية
وأكد البروفيسور دانيال ستراسر، المؤلف الرئيسي للدراسة، على أهمية النتائج: "توضح دراستنا قوة الجمع بين التقنيات التجريبية المتقدمة والنماذج النظرية المتقدمة للكشف عن السلوك الجزيئي غير المتوقع. وهذه الأفكار المتعمقة في ديناميكيات ثنائيات ثاني أكسيد الكربون المؤينة قد يفتح طرقًا جديدة لكيمياء ثاني أكسيد الكربون ويساهم في فهمنا للعمليات الكوكبية والغلاف الجوي."
وأضاف البروفيسور روي باير الذي قاد النموذج النظري: "من خلال المقارنة المباشرة للنظرية مع القياسات التجريبية، نقوم بتحسين قدرتنا على محاكاة والتنبؤ بنتائج التفاعلات الكيميائية التي تحدث في البيئات النائية ولا يمكن اختبارها تجريبيا في المختبر."
تتضمن نتائج البحث آثارًا مهمة على كيمياء الغلاف الجوي، والكيمياء الفلكية، وتوفر رؤى جديدة لدورة ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي. إن اكتشاف التنظيم الهيكلي غير المتماثل، وتكوين وحدة ثاني أكسيد الكربون، والديناميكيات الموقوتة يوفر فهمًا أعمق للعمليات الجزيئية في ظل الظروف القاسية.
أصبح هذا البحث ممكنًا بفضل التعاون الدولي واستخدام أحدث المرافق، بما في ذلك ليزر FLASH2 الإلكتروني الحر في DESY في هامبورغ، ألمانيا. يمهد النهج المبتكر للفريق الطريق لمزيد من التحقيقات في سلوك المجاميع الجزيئية في ظل الظروف القاسية، مع تطبيقات محتملة من مجال علوم الغلاف الجوي إلى طرق التخليق الكيميائي الجديدة.
مقطع: يعرض الفيلم محاكاة لديناميكيات ثاني أكسيد الكربون التي يتم تنشيطها عن طريق التأين الضوئي. إن إطلاق الطاقة الحركية (KER) في انفجار القولون للديمر بواسطة نبضة متأخرة زمنياً جعل من الممكن اختبار الديناميكيات تجريبياً.